إن ظاهرة المخدرات لا تقل أهمية عن ظاهرة الإرهاب في تونس .حيث تجتاح ظاهرة المخدرات والحبوب المهلوسة وغيرها من المواد المخدرة البلاد التونسية بكثافة ، وخاصة المؤسسات التربوية بمختلف مراحلها.
تتكاثر آفة المخدرات, في عصرنا الحاضر , و تنتشر في المجتمعات بسرعة هائلة و بطرق و وسائل متنوعة , و تجتاح بآثارها القاتلة و أخطارها المتعددة الدول الفقيرة و الغنيّة, على حدّ سواء. أما اللافت في الأمر فهو ما استجدّ حديثاً من ظهورأساليب جديدة و مريبة, خاصة في الفترة الأخيرة, لنشر التعاطي بالمخدرات في المحافل العامة وفي مجموعات معينة " شديدة الحساسية و الخطورة " كطلاب المدارس و المعاهد و الجامعات. كما انتقلت هذه الحملات "الإجرامية" لتصيب بشرّها الجامح ربّات البيوت و تحاول النيل من الأطفال و المراهقين و المراهقات ،عبر وسائل صناعية و تسويقية جديدة، كالترويج لتعاطي المخدرات تحت مسميات مختلفة و خادعة، مثل الحبوب " المنومة " أو " المهدئة " أو " المنشّطة "، وبأشكال وأحجام مشابهة لأشكال وأحجام أقراص الأدوية أو السكاكر, و عبر طرق ملتوية كالإستدراج و الإغراء و الإبتزاز و بشتى أصناف الدجل و الإحتيال.
و تنتشر ظاهرة استهلاك المخدرات في صفوف طلبة المعاهد الثانوية والجامعات في تونس، خاصة في المدن الكبرى، ويتطلب إنتشار هذه الآفة تكاتف الجهود لوقف الخطر المحدق بشباب لم يبلغ من العمر العشرين سنة بعد.
ويتعلل الشباب المستهلك للمواد المخدرة والمنحدر في أغلبيته من الأحياء الشعبية المكتظة بالتسلية على إعتبار أنها تملأ رؤوسهم بـ"الشيخة" أي النشوة والفرح وتُذهب عنهم القلق وضغوط الدراسة والمشاكل اليومية.
وتعتبر مسألة تعاطي المخدرات في الوسط المدرسي والجامعي أمر خطير للغاية لا بد من معالجته سريعا وإيجاد آليات كفيلة بحماية الأطفال من هذه الآفة التي ازدادت رواجا بعد الثورة في غياب رقابة أمنية وأبوية صارمة بعدما وجد مروجو هذه السموم سوق المدارس والجامعات والنوادي الرياضية فرصة سانحة للهف الأموال .
وتعرّف منظمة الصحة العالمية الإدمان بأنه الإستخدام المفرط والدائم للمخدرات مما يسبب أضرارا جسدية ونفسية واجتماعية. وتشمل المخدرات مواد ممنوعة مثل الحشيش والإكستازي والمؤثرات العقلية ومواد متاحة مثل السجائر والكحول.
ويوفر الأطفال ثمن مخدراتهم من مصروفهم اليومي و تسول المال من أترابهم .وتتم عملية لف السجائر في الزوايا والمقاهي وأحيانا داخل الفصل.
وبينت مديرة إدارة الطب المدرسي والجامعي منيرة قربوج لصحيفة "التونسية" أن المخدرات في الوسط المدرسي حالة اجتماعية وأنها للأسف لم تعد غريبة عن الوسط الإجتماعي.
وأظهرت إحصائيات أجرتها وزارة الصحة سنة 2012 في المعاهد التونسية أن 12 تلميذا من بين 30 تلميذ يتعاطون المخدرات وهو مؤشر مفزع أثار هلعا في داخل العائلات التونسية.
وأكدت انه لا يمكن الحديث عن المخدرات دون الحديث عن الإدمان سواء تعلق الأمر بالتدخين أو الكحول أو المخدرات . وأضافت أن "التجربة" إذا بدأت لا يمكن التكهن بزمن توقفها.
وبينت أن البداية تنطلق في سن المراهقة التي تبدأ من سن الحادي عشر وتتواصل إلى سن التاسعة عشر وأنه يمكن أن ينجرّ التلميذ إلى الإدمان إمّا حبّا في تقليد أترابه أو لضعف شخصيته أو حبا في التمرد والميل إلى خرق القواعد والقيم الإجتماعية وانه يمكن للتفكك الأسري والحالة الإجتماعية والإقتصادية أن تمثل دافعا إضافيا فبعض التلاميذ أو الشبان المنتمين إلى وسط اجتماعي فقير يبحثون عن الحلول السهلة لمشاكل الحياة ويهربون إلى المخدرات.
وقالت منيرة ان بعض أطفال العائلات الميسورة ينجذبون إلى المخدرات تحت تأثير مروجي هذه المادة الذين يعمدون إلى تمكينهم من التذوق مجانا ليسقطوا بعدها في فخ التبعية ويسهل بعدها استغلالهم ونهب أموالهم وأموال عائلاتهم.
وأضافت انه لا توجد إلى حد الآن دراسة شاملة لمسألة تعاطي المخدرات في المدارس حيث كان الحديث في هذا الموضوع سابقا من المحظورات.
وبينت أن هذه الممارسات كانت موجودة قبلا، وأنها ليست جديدة على المجتمع التونسي. وأكدت أن هناك بعض الدراسات الجهوية أو التي وقعت في وسط معين أظهرت أن ظاهرة العنف مرتبطة بالمخدرات وان الدراسات اظهرت أن نسبة استهلاك التدخين بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة لا تتعدى 20 بالمائة وان هذه النسبة تشمل المدخنين بصفة مستمرة أو الذين يدخنون لمجرد التجربة وهو ما يعني أن نسب الإقبال على المخدرات أقل بكثير من التدخين.
وأكدت منيرة أن الوسط المدرسي والجامعي ليس محميا وبه عدة نقائص من ذلك ضعف مردود خلايا الإنصات في المدارس والمعاهد ونقص الأخصائيين النفسانيين به والهياكل التي تستطيع التواصل مع التلاميذ. إضافة إلى ضعف التأطير العائلي.
ومن هنا لابد من تكاتف جهود الأسر والمنظمات وجمعيات المجتمع المدني للحدّ من هذه الظاهرة .وإنقاذ شبابنا ومجتمعنا من ويلاتها المدمرة.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire