تنادي جميع المواثيق الدولية بحرية الإنسان وحمايته وضمان رفاهيته مع التركيز على الأطفال جيل المستقبل .إلاّ ما يعانيه الأطفال الآن في بعض مناطق العالم الثالث تشهد قضايا إنتهاك لحقوق الأطفال والإساءة إليهم بمختلف الطرق .ومن بين مظاهر الإساءة للأطفال ظاهرة العمالة التي تتنامى في تونس وتكشف جانبا مما يتعرض له العديد من الأطفال من إستغلال وقهر وظلم .
ولعلّ عبد الناصر البالغ من العمر 13 سنة الذي لم يحصل على شهادة مدرسية لأنه منقطع عن ...الدراسة أصلا . فهو ينطلق في عمله من السادسة صباحا ويمتد طوال اليوم ولا ينتهي إلاّ بنزول السكينة على حي "لافيات" الذي يعمل فيه وسط العاصمة . حيث يسكن مع عمته الطاعنة في السن .ويملك محفظة صغيرة الحجم لا تنضب من العلكة بأنواعها وقطع الحلوى ،مع بعض الكتيبات التي تضم آيات قرآنية ومعروفة محليا بإسم " الحصن الحصين" إلى جانب كمية من المناديل الورقية ،ذلك ما يبيعه عبد الناصر للعابرين والمسافرين عبر السيارات وعربات المترو الخفيف ورواد المقاهي .
ويقول عبد الناصر بحرقة :"وهل تظنين سيدتي أنني أكسب المليارات.. أنا أنتظر اليوم الذي سأعود به إلى البيت بأكثر من خمسة دنانير " .
وعبد الناصر إنقطع عن الدراسة خلال السنة الثالثة من التعليم الإبتدائي بعد وفاة والده في حادث مرور. كفلته عمته العجوز وهو مقيم عندها بإستمرار في حين تعيش أخته التي تكبره بست سنوات مع عم آخر رفض إيواءه على حدّ تعبيره . وحالة الطفل عبد الناصر ليست الوحيدة في تونس ،وعلى الرغم من غياب الأرقام الرسمية حول الظاهرة فإنها موجودة وفي تزايد بشكل آثار إهتمام وسائل الإعلام المحلية ،إذا لم تخلّ صفحات الجرائد من تحقيقات تناولت الموضوع من عدة جوانب في حين وصفتها صحف أخرى بالملفات " المسكوت عنها" التي وجب طرحها . ويقبل الأطفال التونسييون لأسباب مختلفة على عمليات البيع والشراء والتجارة بمختلف أنواعها في حين يقوم أطفال الجنوب التونسي الميتفيدون من القرب مع الجارة ليبيا يبيع البنزين والسلع رخيصة الثمن التي يستقدمها تجار ومهربون.
مع العلم أن تونس صادقت على الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل في29 نوفمبر العام 1991 ،كما تم إصدار مجلة حماية الطفل بمقتضى القانون عدد 92 لسنة 1995 ويراها قانونية مكسبا وطنيا يحسب لأطفال تونس لما تحويه من فصول تكفل حقوقهم أماّ "مجلة الشغل " فإنها تتضمن هي الأخرى أحكاما لحماية الطفل كتحديد سن التشغيل وتحجير التشغيل في بعض الحالات وضرورة تمتع الطفل بالراحة ويحدد الفصل 53 من "مجلة التشغيل" السن الدنيا لتشغيل الأطفال ب16 سنة في القطاعات غير الفلاحية ،كما يخول للمؤسسة العائلية تشغيل الطفل دون السن القانونية شريطة أن لا يؤثر ذلك على صحته أو تعليمه . ويسمح الفصل ويسمح الفصل 56 بتشغيل الطفل الذي بلغ 13 سنة في أشغال خفيفة في مجالات غير صناعية وغير فلاحية في حدود ساعتين في اليوم. ولكنه يحجر تشغيل هؤلاء الأطفال خلال يوم الراحة الأسبوعية أو في الأعياد، كما يشترط الحصول على ترخيص مسبق للسماح بتشغيل طفل في السينما أو في العروض الفنية. هذا و يحجر القانون التونسي تشغيل الأطفال دون 18 سنة في أعمال من شأنها أن تهدد صحتهم أو سلامتهم أو أخلاقهم بالخطر، كما يمنع العمل الليلي للأطفال دون 14 سنة من الساعة الثامنة مساءً إلى الثامنة صباحا في النشاطات غير الفلاحية.
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire